فصل: الشاهد الواحد بعد الستمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.فتح حصن الأكراد وعكا وحصون صور.

ثم سار السلطان سنة تسع وستين لغزو بلاد الإفرنج وسرح ابنه السعيد في العساكر إلى المرقب لنظر الأمير قلاون وببعلبك الخزندار وسار إلى طرابلس فاكتسحوا سائر تلك النواحي لحصن الأكراد عاشر شعبان من السنة فحاصره السلطان عشرا ثم اقتحمت أرباضه وانحجر الإفرنج في قلعته واستأمنوا وخرجوا إلى بلادهم وملك الظاهر الحصون وكتب إلى صاحب الأستبار بالفتح وهو بطرسوس وأجاب بطلب الصلح فعقد له على طرسوس والمرقب وارتحل السلطان عن حصن الأكراد بعد أن شحنه بالاقوات والحامية ونازل حصن عكا واشتد في حصاره واستأ من أهله إليه وملكه ثم ارتحل بعد الفطر إلى طرابلس واشتد في قتالها وسأل صاحبها البرنس الصلح فعقد له على ذلك لعشر سنين ورجع إلى دمشق ثم خرج آخر شوال إلى العليقه بالأمان على أن يتركوا الأموال والسلاح واستولى عليه وهدمه وسار إلى اللجون وبعث إليه صاحب صور في الصلح على أن ينزل له عن خمس من قلاعه فعقد له الصلح لعشر سنين وملكها ثم كتب إلى نائبه بمصر أن يجهز عشرة من الشواني إلى قبرس فجهزها ووصلت ليلا إلى قبرس والله أعلم.

.استيلاء الظاهر على حصون الإسماعيلية بالشام.

كان الإسماعيلية في حصون من الشام قد ملكوها وهي مصياف والعليقة والكهف والمنيفة والقدموس وكان كبيرهم لعهد الظاهر نجم الدين الشعراني وكان قد جعل له الظاهر ولايتها ثم تأخر عن لقائها في بعض الأوقات فعزله وولى عليها خادم الدين بن الرضا على أن ينزل له عن حصن مصياف وأرسل معه العساكر فتسلموه منه ثم قدم عليه سنة ثمان وستين وهو على حصن الأكراد وكان نجم الدين الشعراني قد أسن وهرم فاستعتب وأعتبه الظاهر وعطف عليه وقسم الولاية بينه وبين الرضا وفرض عليهما مائة وعشرين ألف درهم يحملانها في كل سنة ولما رجع سنة تسع وستين وفتح حصن الأكراد مر بحصن العليقة من حصونهم فملكه من يد ابن الرضى منتصف شوال من السنة وأنزل به حامية ثم سار لقتال التتر على البيرة كما يذكر ورجع إلى مصر فوجد الاسماعيلية قد نزلوا على الحصون التي بقيت بأيديهم وسلموها لنواب الظاهر فملكوها وانتظمت قلاع الإسماعيلية في ملكة الظاهر وانقرضت منها دعوتهم والله سبحانه وتعالى أعلم.

.حصار التتر البيرة وهزيمتهم عليها.

ثم بعث ابغا بن هلاكو العساكر إلى البيرة سنة إحدى وسبعين مع درباي من مقدمي أمرائه فحاصرها ونصب عليها المجانيق وكان السلطان بدمشق فجمع العساكر من مصر والشام وزحف إلى الفرات وقد جهز العساكر على قاصيته فتقدم الأمير قلاون وخالط التتر عليها في مخيمهم فجالوا معه ثم انهزموا وقتل مقدمهم وخاض السلطان بعساكره بحر الفرات إليهم فأجفلوا وتركوا خيامهم بما فيها وخرج أهل البيرة فنهبوا سوادهم وأحرقوا آلات الحصار ووقف السلطان بساحتها قليلا وخلع على النائب بها لحق درباري بسلطانه ابغا مفلولا فسخطه ولم يعتبه والله تعالى ولى التوفيق.

.غزوة سيس وتخريبها.

ثم نهض الظاهر من مصر لغزو سيس في شعبان سنة ثلاث وسبعين وانتهى إلى دمشق في رمضان وسار منها وعلى مقدمته الأمير قلاون وبدر الدين ببليك الخازندار فوصلوا إلى المصيصة وافتتحوها عنوة وجاء السلطان على أثرهم وسار بجميع العساكر إلى سيس بعد أن كنف الحامية بالبيرة خوفا عليها من التتر وبعث حسام الدين العنتابي ومهنا بن عيسى أمير العرب بالشام للاغارة على بلاد التتر من ناحيتها وسار إلى سيس فخربها وبث السرايا في نواحيها فانتهوا إلى بانياس وأذنة واكتسحوا سائر الجهات ووصل إلى دربند الروم وعاد إلى المصيصة في التعبية فأحرقها ثم انتهى إلى انطاكية فأقام عليها حتى قسم الغنائم ثم رحل إلى القصر وكان للإفرنج خالصا لتبركهم برومة الذي يسمونه البابا فافتتحه ولقيه هنالك حسام الدين العنتابي ومهنا بن عيسى راجعين من إغارتهم وراء الفرات ثم بلغه مهلك البرنس سمند بن تيمند صاحب طرابلس فبعث الظاهر بليان الدوادار ليقرر الصلح مع بنيه فقرره على عشرين ألف دينار وعشرين أسيرا كل سنة وحضر لذلك صاحب قبرس وكان جاء معزيا لبني البرنس ورجع الدوادار إلى الظاهر فقفل إلى دمشق منتصف ذي الحجة والله تعالى ينصر من شاء من عباده.